تعد الصباريات من أكثر نباتات الأرض تنوعاً وغنى، فمنها المثمر، ومنها ما هو للزينة. و قد حباها الله بخصائص مميزة لتتمكن من العيش في البيئات الصعبة و الجافة، و بهذا تكون من اسهل النباتات تربيةً و اقلها حاجةً للعناية. فقد سميت بالصباريات لصبرها على الظروف الصحراوية القاسية من قلة المياه، وارتفاع الحرارة، والرياح الشديدة. و تستطيع العيش و التكيف مع كل تلك الظروف، عن طريق تحورات في اجزائها، فأوراق الصباريات تحورت لأشواك لتقلل من فقدان المياه، و الساق تحورت للقيام بعملية التركيب الضوئي ولاختزان الماء.
في عائلة الصباريات العديد من النباتات المثمرة، حيث تزرع هذه النباتات بشكل تجاري من أجل ثمارها، المتميزة بمذاقها اللذيذ و محتواها العالي من الفيتامينات و المعادن و اهميتها الاقتصادية للمزارعين.
و من اهم هذه الصباريات المثمرة:
الصبار المثمر العادي (التين الشوكي)
الصبار المثمر و يسمى ايضا بالتين الشوكي او صبير التين الهندي، و اسمه العلمي (Opuntia ficus indica)، و موطنه الاصلي امريكا الوسطى، حيث انتقل مع الرحالة الاسبان من امريكا الى بلادهم و من ثم انتشر في منطقة البحر الأبيض المتوسط. حيث تنمو بشكل طبيعي في المناطق الجافة و شبه الجافة، فهي متحملة للحرارة العالية و لقلة المياه.
يزرع الصبار على نطاق تجاري لإنتاج الثمار، كما يزرع ايضا كسياج للمزارع أو كمصد للرياح. يتكون المجموع الخضري للصبار من أفرع (سيقان) متحورة تأخذ شكل أوراق بيضاوية لحمية تعرف بالألواح، وتختلف أطوال الألواح اذ تتراوح من اقل من 10 سم وقد تتجاوز 50 سم. والسطح الخارجي للألواح مغطى بطبقة شمعية سميكة من الكيوتين تعمل على الحد من فقد الماء تحت ظروف البيئة الحارة الجافة. كما تحتوي الألواح بداخلها على عصارة يوجد بها مواد خاصة تكسبها حالة غروية تساهم في اختزان كمية عظيمة من الماء في أنسجة النبات، أما الاوراق فقد تحورت لتصبح اشواك مدببة الاطراف، مما يعطي نبات الصبار القدرة على تحمل الجفاف. و المجموع جذري لنبات الصبار يتكون من جذور عرضية منتشرة ومتعمقة وقد تكون الجذور سميكة ولحمية في بعض الأنواع.
الازهار و الثمار
يبدأ الصبار بالإثمار في السنة الثالثة بعد الزراعة، حيث تحمل الحافة العليا بكل لوح عند تمام نموه عددا من البراعم، بعضها يكون براعم خضرية حيث تتفتح و تنمو إلى أفرع مفلطحة مكونة الألواح الحديثة، بينما البراعم الاخرى تكون زهرية و تتفتح في الصيف لتعطي كل واحدة منها زهرة واحدة ذات شكل مميز.
وبعد عملية التلقيح والإخصاب تعطي الازهار ثمارا ثمار لذيذة الطعم، يختلف شكلها تبعا للصنف، فمنها البيضاوي والكروي و المطاول، وتكون الثمار ذات قشرة سميكة عليها أشواك كثيرة و نادرا ما تكون عديمة الأشواك.
ويختلف لون لب الثمرة تبعا لاختلاف الأصناف بين الأبيض والأخضر المصفر والمائل للاحمرار او الاحمر. ويحتوي لب الثمرة على عدد كبير من البذور الصلبة جدا. و يمتد موسم الاثمار خلال شهري 7 و 8.
للصبار فوائد عديدة، فهو مفيد للشعر و البشرة و يُستخلص منه زيت وكريمات للشعر.
الظروف المناسبة
يتم اكثار الصبار عن طريق زراعة الالواح (الكفوف)، حيث تفصل الألواح وتترك لمدة 7– 15 يوم بمكان ظليل جيد التهوية لتفقد جزءا من رطوبتها مما يسهل استنبات الجذور عليها. اما البذور فنادرا ما يتم استخدامها للإكثار، و يقتصر استخدامها على أغراض الدراسات الخاصة بإنتاج أصناف جديدة.
يفضل زراعة الألواح في الربيع و بداية الخريف، و يمكن ان تزرع في أي وقت طول العام باستثناء فصل الشتاء.
يجب زراعة الصبار في مكان مشمس خصوصا من أجل تحفيز الازهار. اما بالنسبة للتربة يفضل الصبار الترب الخفيفة جيدة التهوية، و يمكنه النمو في اغلب انواع الترب لكن انتاجه يقل في الترب الثقيلة، فيفضل خلط التربة بالرمل و الحصى لتصبح اكثر ملائمة لنمو الصبار. لا يحتاج إلى كمية كبيرة من السماد، حيث يُمكن أن يُسمّد مرة في السنة خلال موسم النمو، و يمكن إضافة السماد البلدي للتربة ليحصل الصبار على التغذية المناسبة. و كما تم الذكر سابقا يتحمل الصبار الجفاف و يتأقلم مع قلة وجود المياه و لكن يفضل ريه خلال موسم النمو.
الصبار الارجواني (تفاح البيرو/ الستريكتا)
الصبار الارجواني و من اسمائه ايضا تفاح البيرو، صبار الستريكتا، صبار السياج، الصبار العملاق وشمعية عسماء، و اسمه العلمي (Cereus repandus). نبات من الصباريات موطنه الاصلي امريكا الجنوبية، ينمو بشكل عمودي و لارتفاع قد يصل الى 10 امتار، وهو شبيه بالصبار العادي، لكن بنيته أصغر قليلا.
له شكل مميز فيزرع كنبات زينة في الحدائق، كما يُزرع ايضا على نطاق تجاري من اجل ثماره المتميزة بشكلها وطعمها، وفترة إنتاجها الطويلة.
يبدأ هذا الصبار بإنتاج الثمار في العالم الثالث بعد الزراعة، حيث يعطي خلال فصلي الربيع والصيف ازهار كبيرة و جميلة لونها كريمي و تتفتح لليلة واحدة فقط، تنتج عنها فيما بعد ثمار عديمة الاشواك، و حجمها بحجم ثمرة التفاح، تكون في البدء خضراء اللون ثم تتحول تدريجيا إلى اللون الأرجواني بدرجاته. أما لبّ الثمرة فهو أرجواني مشبع بالصبغة الأرجوانية التي تصبغ اليد بلون أرجواني مائل إلى الأحمر عند تناول الثمرة، ويتم تناولها عادة عبر قسمها إلى نصفين، ثم يتم إخراج المحتوى بالملعقة، وهي غنية بالفيتامينات و المعادن.
يمكن زراعة الصبار الارجواني على نطاق واسع في المناطق شبه الجافة مثل الاردن و بلاد الوطن العربي عموما، حيث انه متحمل للحرارة و الجفاف. فهو يفضل الاماكن المشمسة بشكل جيد و درجات الحرارة الدافئة او المعتدلة، و يتحمل ارتفاع الحرارة الشديد و الاجواء الجافة و لكنه حساس للصقيع. و كباقي الصباريات فانه يفضل الترب الخفيفة جيدة التصريف، و احتياجه المائي قليل. و يمكن ريه مرة كل اسبوعين خلال اشهر الصيف الجافة و تسميده باعتدال خلال موسم النمو بالسماد العضوي او الكيماوي من اجل الحصول على افضل انتاج. يتم اكثار الصبار بالبذور او العقل.
فبالتالي يشكل الصبار الارجواني محصول اقتصادي مربح و واعد في مناطقنا، حيث تناسبه اغلب الاماكن مع مراعاة تجنب المناطق الكثيرة التعرض للصقيع. كما يجدر بالذكر انه لا يوجد له اي افات في الاردن و فلسطين مما يجعله محصول مثالي للزراعة العضوية، و خاصة ان ثماره منخفضة السكر فيمكن تسويقها كثمار عضوية و صحية للحميات الغذائية و لمرضى السكري، كما ان مدة صلاحيتها طويلة فيمكن تخزينها او تصديرها.
صبار الدراغون فروت (صبار التنين)
الدراغون فروت و يسمى ايضا بفاكهة التنين و البيتايا و السيرس ثلاثي التضليع، و اسمه العلمي (Hylocereus undatu). وهو نبات من الصباريات المثمرة و موطنه الاصلي امريكا الوسطى و الجنوبية. ينمو بشكل متسلق او زاحف، و قد يصل طوله الى 10 امتار.
يُزرع على نطاق تجاري من اجل ثماره خصوصا في المناطق الاستوائية، و يمكن زراعته كنبات زينة في الحدائق فشكله و طريقة نموه مميزان.
اوراق هذا الصبار عصارية و طويلة و مضلعة، و ذات شكل مميز يشبه ظهر التنين، الساق قوية و زاحفة و يمكن ربطها بعمود لتصبح قائمة، و ينصح بتربيتها بهذه الطريقة بالنسبة للمزارع لأنها تسهل من عمليات الخدمة و الحصاد. اما الثمار فهي ذات شكل غريب، و لون قشرتها وردي محمر ناصع، و يوجد ثمار ذات قشرة بلون بنفسجي و بلون اصفر، أما لُبُّ الفاكهة فلونه ابيض أو احمر، و يحتوي اللب على بذور صغيرة سوداء قابلة للأكل، ويمكن استعمالها لصنع الزيت، وتمتلك هذه الفاكهة نكهة حلوة، وقواماً مقرمشاً، ومظهراً فريداً. ويمكن تناولها بإضافتها إلى السلطة، أو العصائر، أو تناولها كما هي، ومن الجدير بالذكر أنها تحتوي على العديد من الفيتامينات، والمعادن، ومضادات الأكسدة التي تُعد ضرورية لصحة الجسم.
و لان النبات استوائي الاصل فهو غير منتشر بكثرة في الاردن، و لكنه قادر على النمو في اغلب مناطقنا و لذلك حرصت مشاتل القادري على توفير اشتاله بشكل دائم.
حيث يفضل هذا الصبار المناطق الدافئة او المعتدلة (افضل مدى حراري له :13°-29°)، كما انه يتحمل ارتفاع الحرارة و يتحمل الصقيع الخفيف لفترات قصيرة. و يفضل التربة الخصبة جيدة الصرف، و الاماكن ذات الشمس الكاملة، او الظل الجزئي في حالة زرع في منطقة ذات جو حار. يعطي النبات في مناطقنا ازهارا في بداية الصيف، اما في المناطق الاستوائية فقد يزهر من 4-6 مرات في العام، و تتم عملية الازهار ليلا.
بالنسبة لري بهدف انتاج الثمار على نطاق تجاري، فيروى النبات بانتظام خلال موسم النمو (شهر3-8) بحيث لا تتترك التربة لتجف بشكل كامل بين الريات، بعد ذلك يقلل الري لمرة اسبوعيا حتى شهر 1، و من ثم يتم ايقاف الري خلال شهري 1 و 2. و يتم تسميده مرة شهريا بالأسمدة الكيماوية المتعادلة. يتم اكثار صبار التنين غالبا بالعقل الساقية و احيانا بالبذور.